الأحد، 26 يناير 2014

فوبيا الاخضر ، في ظل رهان الاستمرار



           
لنتخيل معاً هذا المشهد المقيت في مسرحية ذات طابع من  الكوميديا السوداء ، فبينما تمطر السماء رصاصاً من كل صوب وحدب على مواطنى تلك المسرحية البائسة ، يختار حكام هذه الارض المسحورة بلعنة أزلية   ان ينفخوا ابواق الحرب معلنين الحرب القادمة لنهش الاخضر واليابس ، وبينما يغلقون على انفسهم ابواب حصنهم المنيع يتآمرون ، ويتجادلون ، ويتخاصمون ، ليعودوا متآخين من جديد، ليعلنوا عن حاكم جديد لهذه الارض يرضي رغباتهم واهوائهم ، اما المواطن ........ فليسقط المواطن الى الهاوية فانه ليس سوي بيدق في لعبة اسياد الحرب الملعونة .
*قد تكون هذه المقدمة درامية جدا لبعض القراء ، لكن حقيقة ، حين نمعن النظر اليس هذا واقع الشارع الليبي ، وان هذه المقدمة ليست مجرد كلمات من محض الخيال بل هي بؤس من واقع يحتار في تحليله أجود المحللين السياسيين .
              فوبيا الاخضر تعود للمرة الاف .......
صرنا نعيش قصة الراعي والذئب ، فمن كثر قصص وحكاوي عن خلايا ازلام النظام القابعة بيننا ، فمنذ التحرير ونحن نعيش في ظل هذا الرعب ، رعب ازلام وخلايا النظام ، الطامة ان الذي عايشناه من فوضي أطلقها المجلس الانتقالي بتسهيله لحكم القاعدة والارهاب في المنطقة الشرقية ، وفوضي انتشار السلاح وتدخل قطر الصريح، و تسليم رئيس المجلس العسكري عبد الحكيم لوثائق الاستخبارات لقطر بكل بساطة وكأنهم يملكون  رقابنا ، ومع مهازل انتهاك حقوق الانسان وكله باسم الدين والثورة ، ما عايشه المواطن من جهل وسلبية الشارع الليبي في سنوات ما بعد الثورة ، انكي بكثير من إشاعات الخلايا النائمة التي يقبض عليها يوميا والتي يحاول النظام الحالي ان يرمي عليها كل مصائبه واستخدامها شماعة فشله الذريع، فحسب ما يتبادر في الشارع الليبي ان ما يحصل حاليا في مناطق الجنوب من إقتتال قبلي  و ورشفانة ،وقصص عودة الاخضر للمشهد من جديد إنما هي قصص يحاول المؤتمر الوطني ترويجها واقناع الشارع الليبي بها في هذا الوقت بالتحديد ، خاصة مع اقتراب موعد انتهاء صلاحياته في يوم 7/2، فما يقال في الشارع الليبي أن المؤتمر الوطني يبحث عن مصيبة يزج بها ليبيا الى القاع ليقنع المواطنين انهم في حال تركوا الكرسي فارغاً فأن الفراغ  السياسي سيمكن ازلام النظام من العودة من جديد .
في كل الازمات تعامل معها كلٌ من المؤتمر الوطني والحكومة بكل هدوء وروقان لامثيل لهما ، نفط مغلق منذ اشهر ويتلاعب به مجموعة انفصالين ومرتزقة ، والمؤتمر والحكومة يؤكدان  لا للحل العسكري حرصاً على الدماء ، (( لكن نعم للرشاوي، وتورط المؤتمر ورئيس الوزراء فيها ، شيء طبيعي للغاية .....!!))
التبو مع مرتزقة من التشادين يخطفون المواطنين يوميا في الكفرة ويهيمنون على الحقول   ، والحكومة تؤكد لا للحل العسكري من جديد  ونعم للحل السلمي والنقاش !!
بنغازي ُتغتال يوميا ببطء والفاعل يا سادة ليس بمجهولاً ، بل بكل صفاقة تتجاهل الحكومة والمؤتمر صرخات بنغازي الاسيرة، القاعدة ترفع اعلامها السوداء وتعلن تكفير الحكومة والبشر وتنتقم من العسكرين ، ولا للحل العسكري ......
العاصمة يمر عليها رمضان كامل بدون كهرباء وحتي  يومنا هذا لاتزال تعاني ازمة الكهرباء ، وطبيعيه هذه المعاناة مادام الغاز الذي يمد محطات توليد الكهرباء أسير اهواء الامازيغ ومطالبهم الشرعية ، وكأننا لسنا أبناء وطن واحد ،((ايضا هم الاخرين لهم نصيبهم من الحل السلمي مع قادة اللعبة السياسية )).

أخيراً فوبيا الاخضر وحدها تهددهم وتتركهم يقرعون طبول الحرب ، معلنين أن الثورة في خطر !! والمثير للسخرية ان فتاوي الجهاد جاهزة على طبق من فضة ولكل من يقتل أبْلها يرفع العلم الاخضر ويعتقد ان القذافي حي يرزق ،  نصيب في الجنة !!
         معضلة رهان الاستمرار طاغية على المشهد .
وبين هذا وذاك تضل معضلة اسقاط رأس الحكومة – على زيدان – اهم من الرصاص والصواريخ التي تنهال دون توقف  على منازل السكان في طرابلس والجنوب الليبي .
أشيع خبر تجميع 120 صوت لحجب الثقة عن على زيدان ، واليوم ظهر العدد الحقيقي في بيان جديد عن ان العدد 99 لاغير ، والمثير ان هناك بعض الاعضاء خرج على وسائل الاعلام و انكر توقيعه للبيان وعدم حضوره الجلسة في الأساس ؟!
المثير للتساؤل أن من تصدر مشهد  بيان إسقاط الحكومة اليوم هم اعضاء الجنوب الليبي ، وهؤلاء رغم إدراكهم ان مسالة الجنوب ودعم الحاكم العسكري للمنطقة الجنوبية بالمال والمعدات من اختصاص رئيس الاركان التابعة صلاحياته بشكل مباشر لرئاسة المؤتمر الوطني ، ولكنهم اليوم يلقون بكل اللائمة على رئيس الوزراء ، فما نوع المساومات التي اديرت في اجتماعات الكتل الخاصة في اليومين الماضيين ؟!
كل من عضوي المؤتمر الوطني عن المنطقة الجنوبية – مني بالقاسم كوكلة – ومحمد عبدالله التومي – وباعتراف مسبق منهما قالا  ان ما يحصل في الجنوب تقصير متعمد من رئيس الاركان التابع للمؤتمر الوطني ، وأكدا رفضهما لتنحية زيدان في هذا الزمن الكارثي ، لكنهما اليوم في إطار البيان الصحفي طالبا باسقاط زيدان من على رأس هرم الحكومة ، وهنا يحضرني المثل المصري ((اسمع كلامك أصدقك، أشوف افعالك استغرب )).....
وحسب تفسير  عضو المؤتمر الوطني – عبد الفتاح الحلبوص– لهذا التناقض في الاقوال والافعال بين يوم وليلة ، ان مسألة الجنوب الليبي استغلت ببراعة من قبل المنادين بحجب الثقة عن زيدان، وتلاعب بها اولئك لزج قضية تتبع صلاحياتها لرئيس الاركان المرؤوس مباشرة من المؤتمر الوطني ، و تحميل وزر القضية – على زيدان - .
الشار ع الليبي يدرك جيدا عجز هذه الحكومة ، وخوارقها ، وخوازيقها، لكن إسقاطها في هذا الوقت بالذأت من المستفيد منه ؟ هل المستفيد سيكون الفصيل الذي يملك في هذه الحكومة الوزرات السيادية ، وهوا ذاته الفصيل الذي ينادي ويطالب بي تنحية زيدان منذ توليه للمنصب ؟! في هذه الحال ليستفيدوا ، لكن ما البديل الذي يعرضه هذا الفصيل ؟؟ لا شيء للأسف ....
*مع كل استقصاء للراي اقوم به في اروقة المؤتمر الوطني لجميع الفصائل بحثا عن بديل يحل مكان هذه الحكومة ، لكن هيهات لاوجود لأي فكرة واضحة ، فقط حجب الثقة عن زيدان حاليا ، والاهم يأتي فيما بعد.
واليوم تبادر لمسامعنا ان القوة المضادة لمجموعة اسقاط زيدان ، وضعت شروط لكي تحجب الثقة عن زيدان تتضمن  الأتي :
1-مسائلة واستجواب الحكومة بجميع وزرائها من خلال مستندات حقيقية، وليس فقط على اسئس اهواء حزبية .

2-عرض مشروع متكامل لحكومة بديلة ، بمن يتزعمها وكيفية تسييرها .
وحسب ما يقال في اروقة المؤتمر ان الفصائل الخمس الرافضة لتنحية زيدان في هذا الوقت بشكل خاص ، لن تتنازل عن هذه الشروط حتي تنصاع الاطراف المناهضة لزيدان لشروطها .
مؤتمر يتجادل ، ويتخاصم ، ويتصالح ، وفي النهاية قربان بقائهم في السلطة يظل الشعب الليبي، الشعب ايضا ساهم في استمرارهم بسلبيته ، في حال هكذا شعب الا يستحق هكذا قادة يتلاعبون بأقداره ؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق