غموض يحيط بالساحة السياسية لهذه الاسابيع ،من يلاعب الأخر، الحكومة ام المؤتمر الوطني ، وحال هدا الشعب منقسم الى عدة اجزاء ، جزء غير مبالي الا بلقمة العيش والاقتصاد المنهار ، وجزء في انتظار لحظة النصر المرتقب لكي يطيح بالمؤتمر الوطني من كرسيه العاجي ، وفئة اخري تتزعمها مجموعة خيمة العزل السياسي (جمال الحاجي ) تتهدد وتتوعد اعضاء المؤتمر الوطني الداخلين والخارجين للتصويت على حجب الثقة عن رئيس الوزراء – على زيدان - ، و في خضم هذه الفوضى نكتشف اننا لسنا مصر ولا تونس كما يحاول العديد من ناشطي الشاشات طمأنتنا ، فنحن لا نملك محكمة دستورية ، و هذه المؤسسة لم يكن لها وجود قط لا في عهد القذافي ولا في عهد ما بعد القذافي من حكومات انتقالية ، بل توالت هذه الحكومات في التشكيك في نزاهة كلٌ من المؤسسة العسكرية والقضاء ، ولاحقت الاغتيالات عدة شخصيات عسكرية من الجيش والاستخبارات، وطالت قضاءه في شرق البلاد، بل انتقلت وتيرة هذه الاغتيالات للغرب الليبي ، ومع قرب انتخابات لجنة الستين وانعدام جيش يحمي الدستور القادم .
والشعب يتسأل عن مصيره ، بين معضلة بقاء المؤتمر الوطني في منصبه وعدم استكماله لمهامه حسب ما عهد به الاعلان الدستوري المؤقت ، وحكومة عاجزة ، وصفقات مشبوهة علانية، ورئيس وزراء قابع في تركيا ليعلن عن صفقات نفط لا يملكه ! واستيراد المزيد من السلاح من تركيا !! ومع إعلان المؤتمر الوطني ان الشريعة الإسلامية فوق الدستور ولا تخضع له ، يتسأل الشعب عن أي شريعة ستطبق وعلى حسب أي مذهب وأي فكر ! وفي ذات الوقت الشارع يلوك شائعة تورط شخصيات كبيرة في فضائح جنسية ، وأخيرا في نهاية هذا الاسبوع ظهرت جثة المحامية المخطوفة منذ عدة أشهر لترقد في سلام أخيرا بعيدا عن قبح خاطفيها ، وانتقال الخطف ليطال الأطفال بغية ابتزاز اهاليهم ، واغتصاب الأملاك بدون رادع ، ومع خبر تصنيف حركة انصار الشريعة في الشرق الليبي بحركة ارهابية من قبل القوات الكبرى التي تحكم العالم ، وازدياد وتيرة التحرش بالفتيات في الشارع الليبي ، وانحدار المجتمع الليبي بشكل يومي الى الهاوية ، وانشغاله بمتابعة لقمة العيش التي هيا الأخرى صارت مهددة عما قريب ، هذا الشعب يتسأل الى أين المصير ؟!
وحسب أخر احصائية فأن عدد المسجلين كمنتخبين للجنة الستين لا يتجاوز المليون شخص ، رغم محاولات اعضاء المؤتمر الوطني للترويج للانتخابات لجنة الستين ، ورسائل دار الافتاء التي انهالت على المواطنين في اجهزة هواتفهم لتخبرهم ان تسجيلك في الانتخابات هو نصرة لشريعة الله !! لكن هذه المحاولات لم تجدي ، بل زادت من احباط الشارع الليبي الذي يعلل نفوره من التسجيل في انتخابات لجنة الستين بمنطق (( لا يلدغ المؤمن من ذات الحجر مرتين )) ، فحسب رويئة الشارع الليبي (( يكفينا معضلة المؤتمر الوطني الذي تتقاسمه القوات المتلاعبة بمصير هذا الشعب بدون أي رادع او ضمير ، فلن يأتي الدستور الا بما تريده القوات التي تملك السلاح )) يبدو ان خيبة واحدة تكفي هذا الشعب ، ومع عدم وجود مؤسسة عسكرية حقيقية تضمن نزاهة الانتخابات وحماية الدستور المقبل ، لا يوجد امامنا كصحافة وشعب الا الانتظار متسائلين ماذا سيكون شكل الدستور المقبل !؟
كيف ينظر المؤتمر الوطني للشعب ؟
رغم الحراك الشعبي المستمر والرافض لتمديد المؤتمر مهامه لمدة سنة أخري ، لكن المؤتمر الوطني لم يحرك ساكنا بل أستمر في استقبال مبادرات خارطة الطريق من كل صوب وحدب ، ((وكم تثير هذه الكلمة من تشاؤم في داخلي كمواطنة تذكرني بخارطة الطريق التي قسمت من خلالها إسرائيل فلسطين )) ، وفي كل جلسة تستمر لجنة خارطة الطريق في اجراء تعديلات وعرضها ، تارة التمديد لمدة سنة ، واخري تمديد لنصف السنة ، والحل لا يوجد لحد الأن بديل ينوب عن المؤتمر الوطني الغارق في المهام التنفيذية ، والتي منذ اليوم الأول أستلم المهام التنفيذية وبرر من خلالها مماطلته في تنفيذ مهامه الرئيسية .
*وعلل شريف الوافي أستلام المؤتمر لمهام الحكومة التنفيذية منذ بداية تنصيبه ، فقال ((لم يتمكن المؤتمر الوطني من أداء الاستحقاقات الاولية ومنها انتخاب لجنة الستين حسب الجدول الزمني المقدر له في الاعلان الدستوري ، نتيجة للعمل الكبير الذي كان في انتظارنا والذي لم يكن أمامنا من حل الا استلامه والاستحقاقات الأخرى التي عملنا عليها فيما بعد ، ايضا الكم الهائل من الاعتصامات التي تسببت في تعطيل الاداء الوظيفي للمؤتمر.
*وترد عضوة المؤتمر الوطني – زينب هارون التارقي – قائلة (( أن الشحن الحالي في الشارع الليبي ، سببه المؤتمر الذي لا يصغي لصوت الشعب ، والذي تدخل منذ اليوم الأول في أبسط امور الحكومة التنفيذية وحشر انفه في كل كبيرة وصغيرة وأٌقتسم الحكومة ، كل حزب خصص لنفسه اشخاص تنتمي له في كل وزارة ، وكل وزير ينتمي لحزب معين او توجه معين ، فمن الطبيعي ان يكون الراي العام مشحون اتجاه المؤتمر الوطني الذي ماطل وعطل الحكومة في العديد من المرات ))
إذا في هذه الحال لماذا لا يصغي المؤتمر الوطني لصوت الشعب ولا يهتم الا بما تريده احزابه ورؤساء كتله ؟ حسب تعليل العديد من اعضاء المؤتمر الوطني ، فان الحراك الشعب الحالي لا يعد حراك مؤثر أو معطل للحياة اليومية ليؤخذ بعين الاعتبار ، فلا يقارن حراك مجموعة صغيرة من الشارع با الحراك الذي اطاح بحكومات مثل ما حصل في 30 يوليو في مصر ، والى حين يصبح الحراك الشعبي حراك حقيقي وكبير العدد ومؤثر حينها يمكن للمؤتمر الوطني ان يرحل ويترك للشعب تقرير مصيره .
وجهة نظر من اعضاء المؤتمر الوطني صحيحة للغاية، فرغم سوء الحياة الاقتصادية والأمنية للمواطن الليبي ومع هذا لازالت المقاهي تعج بروادها ، والمحلات التجارية لا تفرغ من الزوار ، المواطن الليبي ينحني مجددا بالسلبية فكيف نتوقع ان يصغي له سادة اللعبة السياسية .
هل استيقظ الضمير فجاءة وصارت الحكومة غير صالحة ؟!
وبينما تتبادر في الاوساط السياسة عدة أسماء بديلة عن حكومة زيدان ، منهم على الترهوني – نوري العبار – مرشح عن الكتلة السلفية والتي تنكر ترشيحها له رغم ثقتنا في مصدر معلوماتنا الداخلية ، وايضا المرشح الذاتي – عبد الباسط قطيط - صاحب الدعاية المميزة .
يظل السؤال هل من المفيد في هذه المرحلة تنحية زيدان وجلب بديل له ؟ ما نوع الحكومة التي ستلي حكومة زيدان التي اقتسمتها احزاب المؤتمر الوطني وكأنها كعكة العيد ، بعد ان اتخمت الاحزاب من كعكة العيد هل ملت نكهتها ؟ لماذا من جديد من تصدر مشهد اعتصامات العزل السياسي ينصب خيمته مجددا امام قاعة المؤتمر ، ويطالب بتنحية زيدان في هذا الوقت بدأت ؟ هل مطالب تنحية زيدان ستنسينا موعد انتهاء صلاحيات المؤمر الوطني
*وللإجابة عن بعض من تساؤلاتنا ترد – زينب هارون التارقي – قائلة (( لا توجد أي جدوي من تنحية الحكومة حاليا ، خاصة ان نفس المجموعة التي في الخارج لازالت تسيطر وتدعم مجموعات معينة ، ومع انتشار المخاوف بين الاعضاء من تكرار نفس سيناريو العزل السياسي والضغط الذي حصل لنا لي اقرار هذا القانون وتحصينه ، حاليا حتي من كان يفكر بحجب الثقة عن زيدان قرر العكس ، نتيجة الارهاب المقام ضدنا والتعرض لنا في كل جلسة من قبل اصحاب الخيمة المنتصبة في الخارج ، بكل بساطة قررنا الا نخضع لهم ولن تسحب الثقة عن زيدان ، لسنا ضد الاعتصام ولكن ضد ما يحصل لنا حاليا من تهديد ومنع من الخروج الا حين نصوت على حجب الثقة عن زيدان ، الفشل الرئيسي في فشل هذه الحكومة كان سببها المؤتمر الوطني الذي اخضع الحكومة لي احزابه ، منذ بداية تحويل ميزانية 2013 حين رفض المؤتمر الوطني تعين رؤساء المجالس المحلية ، وهذه الخطوة كان من الممكن في حال تعينهم وتسليمهم ميزانيات محددة لكانت في صالح الشعب ، و- علي زيدان - عرض منذ شهر (2) تعين بلديات وتحديد الميزانية عليهم لتقليل معاناة الشعب لكن المؤتمر الوطني رفض ورفض بشدة ، ومن رفضوا هم من يطالبون حاليا بإقالة رئيس الوزراء، منذ اول يوم هيا ذات الاصوات التي تريد تعطيل الحكومة ، واذا كانت حكومة زيدان فاشلة فلبد على المؤتمر ان يتحمل وزر فشل هذه الحكومة ، المؤتمر من تسبب في المخاصصة وعين كل عضو وزير من منطقته او حزبه وفرضوا على هذه الحكومة وزرائهم ، وتحولت من حكومة ازمة الى حكومة رفاهية ،و كمثال وزارة الخارجية، رغم انها حق اصيل للحكومة التنفيذية لكن المؤتمر الوطني رفض بل اختيار السفراء كان من نصيب لجنة الخارجية في المؤتمر الوطني ، وللأسف بدل من معاقبة افراد حكومة الكيب والمجلس الانتقالي كان جزاهم ان نصبهم المؤتمر الوطني سفراء حول العالم !!!
حاليا حسب ما يدار في اروقة المؤتمر الوطني ، فأن المؤتمر رغم ادراكه لعجز حكومة زيدان فانه لن يحجب الثقة ، ولن تنتهي صلاحية المؤتمر الوطني في يوم 7/2 ، بل المؤتمر سيعمل على اجراء تغيرات داخلية في الحكومة ، ومن المحتمل جدا أن تطال هذه التغيرات ايضاً رئاسة المؤتمر الوطني ، وفي ظل انعدام محكمة دستورية قد تتولي الحكم من بعد المؤتمر الوطني ، فان المؤتمر سيعمل على اقناع الشعب بان هذه الاصلاحات الداخلية سواء في كل من حكومة زيدان ، ورئاسة المؤتمر الوطني ، هي في صالح الشعب ، والا فان حالة الفراغ السياسي ستطال ليبيا المنهكة ، لكن صدقا الا تعاني ليبيا مسبقاً من فراغ سياسي وامني خاصة مع حكم الميلشيات ؟! هل الشعب يظن ان هوا صمام الأمان ؟ يوم الغد سيكون حاسم ، وسيحمل الكثير في طياته سواء للأعلام او لمن ينتظر على احر من الجمر اسقاط حكومة زيدان ، ولعل في الغد تتضح الرؤية اخيراً بعد هذه الاسابيع الطويلة المنهكة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق