الثلاثاء، 23 يونيو 2015

"المهربون غير المحترفين سبب غرق المهاجرين"



موسم الهجرة غير الشرعية ينتظر دفء يوليو
عصابات التهريب تستغل غياب الدولة وتنسق مع أمراء الحرب
التكاليف تختلف حسب الجنسية  والدفع باليورو للسوريين وبالدوﻻر للأفارقة
مهرب: المهربون غير المحترفين سبب غرق المهاجرين
  سجون الايواء  توفر عمالة رخيصة التكلفة

كتبت / عشتار محمد 
غرق حوالي ٨٠٠ مهاجر أثناء عبور البحر المتوسط إلى أوروبا خبرا صدم العالم في ابريل الماضي ويعد بداية الهوجاء  الاعلامية التي وجهت ضد ليبيا باعتبارها  المصدر لقوارب الموت  ورغم العدد الكبير  للمهاجرين نحو اروبا إﻻ أن موسم الهجرة غير الشرعية لم يصل ذروته بعد. وتعمل عصابات تهريب البشر على قدم وساق استعدادا لمزيد من رحلات الموت مع اقتراب موسم الدفء من يوليو إلى سبتمبر أو ما يسمى "موسم السردين" حيث تكثر فيه الزوارق المكتظة بالمهاجرين. ويعترف المهربون بأنهم ينسقون أنشطتهم مع أمراء حرب لتحقيق مصلحة متبادلة وجني مكاسب هائلة للطرفين وسط غياب أجهزة الدولة بسبب اﻻقتتال والأوضاع الأمنية في البلاد.



(م) طالب جامعي في مقتبل العشرينيات تحول إلى سمسار بشر يدير تجارته بالهاتف من مدينة طرابلس. تواصلنا معه عن طريق أحد المقربين منه. وتحدث لنا بشرط عدم الكشف عن اسمه. قوارب الهجرة الخاصة به تنطلق من شواطئ مدينة زوارة، يعمل لديه العديد من المساعدين منهم مراهقون يرغبون في الاقتداء به والتحول لسماسرة بشر معروفين مثله ومنهم متزوجون أرباب أسر. والعمل في جر البشر إلى قوارب الموت يوفر له باب رزق ممتاز إذ يصل مكسبه عن العملية الواحدة إلى ١٥٠  ألف دوﻻر.
رغم مكاسب (م) من تهريب البشر إﻻ أن نظرته لهم ﻻ تخلو من عنصرية. ويقول " أكره هؤلاء  السود الافارقة بسبب تفشي الأمراض والجرائم  ووجودهم بيننا جد مقيت لكن هذا لا يمنع ان يتحولوا إلى  مصدر كسب اضافي لي."
وتابع "الاسعار حسب الجنس واللون.. الربح الاكبر في تهجير السوريين إذ نحصل منهم على ألف يورو للرجل و١٢٠٠ يورو للأنثى و٩٠٠ يورو للطفل. أما فيما يتعلق بالسود يكون السعر ذاته لكن بالدولار."
وقال "تجارتنا مضمونة في زوارة وقواربنا تصل بالسلامة. نعمل في هذه المهنة منذ سنوات القذافي ولا نغامر بقواربنا وسلامة بحارينا المغاربة إلا من بعد التخطيط بدقة.
وأوضح أن مراحل العملية تبدأ من تجميع المهاجرين "في حظائر سرية  حتي يبلغ عددهم الرقم المطلوب  ثم تنطلق رحلتهم على متن جرافة الصيد في البحر والتي تستوعب كأقصى حد 400 شخص."
وقال إنه "يتسلم رسالة وصولهم بالسلامة من قبل أعيننا الخفية في الضفة الأخرى.. ايطاليا. ومن بعد اقتطاع مصروفات البحار المغربي وهي حوالي عشرة آﻻف دوﻻر يكون مكسبي النهائي على كل عملية ١٥٠ ألف دولار."
ويسترسل (م) في الحديث بكل ثقة  غير آبه لهويتي الصحفية قائلا "في عهد القذافي لم يتمكنوا من محاربة تجارتنا فهل من المتوقع ان تقوم الانظمة الحالية بمحاربتنا؟ العديد منهم  يعمل على تأمين ممرات آمنة   للمهاجرين مقابل المال. التفاهم مع رجال الأمن جد سهل."

وفيما يتعلق بكيفية ضمان صمت الأهالي قال "هذه تجارتنا الداخلية في مدينة زوارة  ومن خلالها تمكن الأهالي من دعم تجارة الصيد والتزود بالسلاح وشراء المولدات الكهربائية فهي تدر الكثير من المنفعة الاقتصادية عليهم. إنه نظام حماية مشترك فيما بيننا نضمن صمتهم وهم يضمنون الرخاء الاقتصادي."
وتباهي قائلا "المهاجرون ذاتهم يثقون في عملنا ويتصلون بنا من المهجر لتهريب زميل او عائلة لهم عالقة في ليبيا."
واضاف "بحر زوارة الابحار منه جد أمن في  المواسم الدافئة من  يوليو إلى سبتمبر."
وقال إن غرق مئات اللاجئين مشكلة يتسبب فيها "المهربون غير المحترفين.. همهم المكسب دون السمعة يستخدمون قوارب الصيد الصغيرة  ويطلقونها في مواسم الموت  يناير وفبراير من سواحل عميقة مثل – القاربولي – الزاوية – الخمس – صبراته."
وتبرأ (م) من المهربين غير المحترفين قائلا "هؤلاء لن أغامر بارسال قطة معهم ."
                   الميلشيات توفر الحماية
ومن جانبه اتهم الناطق الرسمي للبحرية الليبية العقيد ايوب قاسم السلطات الأوربية بأنها "غير جادة في محاربتها للهجرة غير الشرعية بل تسمح وتشجع على استمرارها وهذا له علاقة بتمرير قوارب الصيد الجائر في مياهنا الإقليمية بالأخص من قبل السلطات الايطالية."
  وأضاف أن هذه التجارة تتزعمها مافيا الاتجار بالبشر التي تمتد سيطرتها لخارج الحدود الليبية وهي في ليبيا محمية بقوة الميلشيات المسلحة."
 وقال إن خفر السواحل مهمته لا تشمل اليابسة وانما هي مهمة وزارة الداخلية "التي تعاني من تزعم أمراء الميلشيات لمنظومتها."

             مراكز الايواء والاتجار بالبشر
ومتاعب المهاجرين ﻻ تقتصر على رحلة عبور البحر وانما حتى على اليابسة حيث يحتجز كثيرون منهم في مراكز ايواء، فمصدر جد موثوق  من وزارة الداخلية الليبية يؤكد لنا ان سياسة التخلص من تراكم المهاجرين الافريقيين في مراكز الايواء التي صار يتبعها  عدد كبير من القائمين على هذه السجون تعد مصدر كسب واتجار جديد بالبشر، من خلال هذه المراكز صار من السهل تهريب عمالة رخيصة التكلفة تعمل بدون مقابل ،  وهؤلاء العمال يعمل اغلبهم كخدم مزارع بدون أي اوراق ثبوتية او شهادات صحية، ولا يدفع لهم أي مقابل مادي ، والمقابل يدفع للقائمين على السجون.
 وقال المصدر " في السابق كانت هذه المراكز تقوم بفرز المهاجرين من بعد القبض عليهم في حالة امتلاك المهاجر لا وراق ثبوتية تصدر له شهادة صحية  ويطلق سراحه اذا لم تطالب سفارته بترحيله ، اما في حالة عدم امتلاكه لهذه الاوراق يحول للسجن  لينظم مع بقية المهاجرين وجميعهم يظلون هناك لعدة أشهر في حال يرثي لها انسانيا ،ليتاجر بهم في نهاية المطاف امراء السجون ومن معهم .
 
ويقول الناطق باسم جمعية الهلال الأحمر فرع طرابلس مالك مرسيط إن الجمعية تنتشل العديد من جثث المهاجرين من المياه الليبية وسبق وساهمت في نهاية سنة 2014 باستخراج 107 جثث. وأضاف أن المشكلة تكمن في متابعة المهاجرين في مراكز اﻻحتجاز خاصة أن العديد منهم يظل لفترات طويلة في  الايواء حتي تقرر مكاتب مكافحة الهجرة مصيرهم.

 وقال مصدر من منظمة دولية  تهتم بشئون المهاجرين ومتابعتهم في ليبيا مشترطا عدم كشفه هويته إن  المنظمة غير قادرة على متابعة اماكن احتجاز المهاجرين نتيجة كثرتها وغير قادرة على معرفة عددهم الحقيقي في  تلك المراكز. وأشار إلى أن منظمته لا تستطيع تقديم أي تصريحات مخافة مزاجية أمراء السجون ومنعهم المنظمة من متابعة اوضاع هؤلاء المهاجرين في السجون سواء كانت سجونا نظامية أو غير نظامية بقبضة الميلشيات. وقال إن عملية ترحيل المهاجرين تخضع لمدي امتلاك المهاجر للأوراق الثبوتية والصحية  ومطالبة حكومته به من خلال سفاراتهم في طرابلس.

الجمعة، 5 يونيو 2015

نصف مليون مواطن ليبي تشرد داخليا خلال 11 شهرا من الصراع بنغازي مصدر اكبر عدد للنازحين وطرابلس تستقبل النسبة الأكبر 27 ألفا تستضيفهم عائلات ويرفضون تصنيفهم كنازحين مفوضية اللاجئين: 100 ألف ليبي لجأوا غلى خارج البلاد

 التقرير الاصل نشر على موقع ليبيا المستقبل 
http://www.libya-al-mostakbal.org/news/clicked/71282
كشف تقرير للأمانة العامة  للهلال الاحمر الليبي  عن وقائع مهولة لنزوح ما يقارب اكثر من نصف مليون شخص داخليا ً خلال 11 شهراً من الحرب وتصاعد وتيرة العنف المسلح بين أطراف النزاع في البلاد ، واوضح التقرير انه منذ بداية النزاع المسلح في  بنغازي في  مايو 2014/ حتي أبريل الماضي نزح أكثر من 100000 ألف شخص من المدينة للتصدر المدن الليبية في عدد النازحين داخلياً خلال تلك الفترة ، وتزداد مهمة الهلال الأحمر صعوبة حين يضطر إلى نقل مركز ايواء النازحين بسبب توسع بقعة الصراع .

كتبت عشتار محمد:
تبين إحصاءات الهلال الاحمر أن سكان بنغازي هم الأكثر معاناة بسبب الصراع خلال الفترة التي يغطيها التقرير من مايو 2014 حتي ابريل 2015 حيث نزح من المدينة 108 الآف و830 شخصا وهو أكبر عدد للنازحين من مدينة ليبية خلال الفترة التي يغطيها التقرير. وأوضح التقرير أن الصراع في المنطقة الغربية من البلاد ينقم إلى منطقتين : الأولي في محيط ككلة والقلعة و وصل عدد النازحين منها الى 39 ألفا و389 شخصا في أكتوبر 2014، والثانية في منطقة ورشفانة حيث ازداد عدد النازحين في اغسطس 2014 عن 17 الفا و618 شخصا ، وأشار الهلال الأحمر الى ان هذه الارقام  قابلة للتعديل نتيجة لاستمرار النزاع المسلح داخل ليبيا بشكل عام وبشكل اخص في بنغازي – و ورشفانة  .


وقال  – توفيق شكري - الناطق بأسم الهلال الاحمر فرع بنغازي  انه "لايزال النزاع المسلح مستمر في سبع مناطق من مدينة بنغازي وهي – وسط البلد – الصابري – القوارشة – الليثي – قاريونس – شارع فينسيا – هذه المناطق من المستحيل العودة اليها"
واضاف " يوجد تخوف عام من تمدد وتوسع بقعة الاشتباكات لبقية المناطق الشبه أمنة ومعها نضطر الى نقل وتوسيع مراكز الايواء والتي يبلغ عددها حاليا "63" مركز ايواء متمثلة في المدارس المغلقة " وذكر أن " هذه المراكز تضم  1214 عائلة تسكن وتقتسم الفصول المدرسية، وتوزع عليهم الإغاثة بشكل دوري دون انقطاع ، عددهم كأفراد 6238 مابين رجال ونساء وأطفال."


ويتابع شكري " حالياً نركز على توثيق وفرز النازحين داخل البيوت ، هؤلاء يخضعون لمنظومة التجمع السكاني للنازحين كلٌ حسب منطقة نزوحه وعددهم التقريبي 27 آلف ، لايزال هذا العدد يخضع للتدقيق نتيجة لرفض العديد منهم التسجيل  واستشعارهم الاهانة عند تصنيفهم كنازحين " . تعد أسرة السيد شكري ايضاً من الاسر النازحة التي لم تعد تأمل في أي تعويض من الدولة ولا تنتظر أي مبادرات الا مبادرة السلم والامان للخروج من الصراع الاهلي .

                    626 مفقودا و119 جثة مجهولة

 وأوضح التقرير أن  العاصمة طرابلس استقبلت اكثر عدد من النازحين إذ بلغ 126 ألفا و368 شخصا جاءت غالبيتهم من – بنغازي – ورشفانة – ككلة – المشاشية .
ومن جانبه أكد الصحفي – منير البكوش – من مكتب الاعلام والتوثيق بوزارة التربية والتعليم بطرابلس عدم وجود أي ضغط على العملية الدراسية نتيجة انضمام الطلبة النازحين للمدارس ،وقال إن  العملية الدراسية مستمرة والطلبة النازحين عددهم جد قليل ولا يمثل أي مشكلة .
ولفت التقرير الانتباه الى آن مدينة درنة معقل الجماعات المتطرفة في شرق البلاد شهدت "نزوحاً ثانويا" ولم يفسر التقرير أسباب النزوح الثانوي ، وأما في الجنوب حيث النزاع المسلح في منطقة اوباري يعتبر صراعا قبليا داخل المدينة قد ادي إلى نزوح 18ألفا و171 شخصاً.
ومن ناحية اخري ذكر الهلال الاحمر أن عدد بلاغات المفقودين من فبراير 2014  غلى ابريل 2015، وصل الى 626 بلاغا في مكاتب ما بين   درنة وبنغازي و مصراتة و  طرابلس ، واشار الى ان  أغلبها صدر من مدينة بنغازي بعدد  508  بلاغ  ، وحصرت جمعية  الهلال عدد "119 " جثة مجهولة الهوية من بداية الحرب في شهر مايو 2014، مع التأكيد على ان هذه الارقام قابلة للتحديث نتيجة استمرار النزاع المسلح .
                   43 الف نازح من طرابلس

من جانبها قدرت اللجنة المعنية بالأزمة في مجلس مدينة طرابلس عدد العائلات التي نزحت من العاصمة الليبية جراء القتال والمطاردة على الهوية القبلية والراي السياسي   بحوالي "7240" عائلة أي ما يقارب "43500" شخص ، ويقول مراقبون إن هذه الأعداد قابلة للارتفاع .

وقال – عبد المنعم الكابو -  مدير لجنة الشئون الاجتماعية في الرجبان إن المدينة استقبلت  المدينة 85 شاب نازح من منطقتي – فشلوم – وتاجوراء – هرباً من المطاردة نتيجة الاقتتال الاخير في العاصمة طرابلس ، وتوقع  وصول المزيد منهم وعودة نزوح العائلات مجددا من  مناطق ورشفانة – بئر الغنم – طريق المطار – حي الاكواخ – نتيجة لاحتدام الاشتباكات المسلحة ، وسبق أن استقبلت  مدينة الرجبان 600عائلة نازحة ، منها من تمكن العودة إلى مسكنه واعادة ترميمه ، بينما لم تتمكن  95 عائلة  من تعويض خسائرها لازالت باقية في مدينة الرجبان متوزعة على مساكن المواطنين. وقال الكابو إن العائلات تتعاون فيما بينها " لتوفير احتياجاتها  بحكم ان كل من مدينتي الرجبان – والزنتان – مدن محاصرة ، والعديد من هذه العائلات صار ينتج الخبز والحلويات  او يعمل في الاشغال اليدوية والميكانيكية لكي يكفل احتياجات عائلته بكرامة .
واضاف ان " العديد من الاشخاص الذين سبق وآن استقبلناهم كنازحين يعودون بمبالغ مالية مطالبين توزيعها على العائلات الباقية."
وأكد – الكابو –  على تعاون وزارة الشئون الاجتماعية بالبيضاء في الاسراع بتحويل مواد اغاثية وادوية طبية لمنطقتي الرجبان والزنتان ، في حين لاريمكنهم اللجوء الى وزارة الشئون الاجتماعية بطرابلس بسبب مخاطر القبض على الهوية القبلية.
حاولنا الحصول على تعليقات من المسئولين المعنين بهذا الملف على جانبي الصراع في ليبيا منهم بمجرد ما ان ادرك هويتنا حتي اقفل هاتفه او لم يعد يرد كا الناطق الرسمي للهلال الأحمر الليبي المقيم في تونس ،و بالإضافة أتصلنا مرارا بالنائبة البرلمانية ابتسام الرباعي المقيمة في مصر لكنها لم ترد على هاتفها ، وحاولنا الحصول على تعليق من رئاسة الوزراء  والمؤتمر الوطني بطرابلس وكليهما امتنع عن التعليق واكتفي بعدم الرد على هاتفه .
مع استمرار الصراع بليبيا و تجهم الافق وتوسع بقعة الاقتتال ومخاوف من ازدياد نسبة نزوح المواطنين ، تعد جمعية الهلال الأحمر الليبي هي الجهة الوحيدة التي واكبت هذا الصراع بعمل توثيقي محلي يشمل الاغاثة الانسانية للنازحين ومتابعة قضايا المفقودين والجثث مجهولة الهوية . لكن تقرير الهلال لم يتطرق إلى النازحين خارج البلاد ، وفي هذا الشأن اكدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين انها أحصت أواخر عام 2014 نحو 100الف ليبي فروا إلى الخارج .