الجمعة، 28 فبراير 2014

مقالة نشرت في موقع ليبيا المستقبل

مصدر المقال الاصلي
               انقلابات وهمية، بينما يعيش الليبيون الكوميديا السوداء بكل فصولها.
تتناقل الاخبار كالنار في الهشيم، صراحة ككاتبة لم اعد استطيع المتابعة بذات الوتيرة هذا الكم الهائل من الاخبار الصادمة، انقلاب، لم يحدث انقلاب،احالة الانقلابين الى التحقيق!، هجوم على المؤتمر، شرعية لم تُسقط بعد، حكومة الظل لم تذهب بعيدا بظلالها السوداء، وفي ظل هذا المشهد السياسي الشنيع، هنا تتجلى الكوميديا السوداء بكل فصولها على المواطن الليبي.
أخبار الخطف زادت وتيرتها وبكل وقاحة في عين الشمس، خطف امام الإشارات المرورية، ليس بشيء يذكر، خطف الفتيات، صعقهن بالمسدسات الكهربائية في اثناء سيرهن في الشوارع من قبل مجهولين، (أيضا هذا ليس بشيء يذكر بالمرة)، خطف الاطفال من حاضنات المشافي، خطف الشباب المراهقين وطلب الفدية، واذا كان اهل المخطوفين  محظوظين فسيجدون جثث ابنائهم بسرعة، وأخيراً  قتل مصريين بتهمة ديانتهم المسيحية في مدينة بنغازي! وهذه ليست الحادثة الاولى من نوعها وخاصة في منطقة الشرق الليبي، تحطيم كنائس قتل أرواح واعدامهم، وكأنهم نعاج لا تنتمي لهذه البشرية بصلة، الارواح الشريرة قابعة  ساخرة، تعبث بحيواتنا التي صارت دون معني.
لأزال الساسة يتلاعبون بخبر انقلاب - حفتر-  العبيط، الذي من خلاله افسد على الشعب فرصة الاستمرار في المطالب  السلمية، الطامة ان انقلاب اللواء المتقاعد - خليفة حفتر -  لم يكن سواء مجرد انقلاب تلفزيوني ناعم متشبها به اللواء المتقاعد بقائد قوات الجيش المصري ذو الشعبية الفريق - عبد الفتاح  السيسي -، ومن يوم انقلابه الناعم السؤال الذي يراود عقلي، من ضحك على - حفتر - واقنعه بهذا التصرف الطائش الذي يجني ثماره المرة الشعب حالياً! أم ان الجنرال مازال يعيش اوهامه القديمة مع القذافي، بعد هذا الانقلاب بعدة ايام مباشرة نشهد بيان أخر، صدر عن كلٌ من كتيبتي الصواعق والقعقاع، ونتيجة لهذا البيان الصادم ماكان من المؤتمر المتمسك بشرعيته الا إحالة كلٌ من كتيبة القعقاع والصواعق الى التحقيق العسكري، وفك  الكتيبتين، وعلى أثر هذا الخبر، وخبر تعرض قائد كتيبة القعقاع - عثمان مليقطة - لمحاولة اغتيال،على اثره  قامت الكتيبة باستعراض للقوة وبث الذعر ليلة الاحد الماضي في قلوب اعضاء المؤتمر الوطني،كان هذا الاستعراض فقط مجرد حركة ترهيب لا اكثر ،و لم تلحق أي اضرار بالمباني، لا قاعات الاجتماعات الاسبوعية ولا قصور الضيافة.
تلاوة صلاة الحقيقة...
الآن لنأتي للحقائق ولنتلوها بصوت عالي، قد يعتقد البعض ان هذه المقارنة غير عادلة وخاصة اصحاب التوجهات والايدولوجيات السياسية، ولكن هذه المقارنة عادلة للغاية بالنسبة للشارع الطرابلسي بشكل خاص:
الحقيقة الاولي: لماذا أقام المؤتمر الوطني الدنيا على كتيبة القعقاع والصواعق التي اصدرت بيان هزيل  هددت من خلاله من أسمتهم بالإخوان المفسدين واصحاب الايدولوجيات الارهابية بالقبض عليهم، ورغم هذا لم تقدم الكتيبتين على شيء يذكر؟ بالمقابل المؤتمر الوطني  لم يتجرأ ليومنا هذا بالمطالبة بفك وأحاله عصابات غرغور المشرعنة والتي قتلت خمسون متظاهر بكل دم بارد الى التحقيق او فك قواتهم؟ بالعكس مهدت لهم الطريق للخروج من طرابلس بكل سلام واستقبلت في موطنها استقبال الابطال بالزغاريد والذبائح ؟! والى الآن حق الخمسون مواطن  القتيل ضائع ولا حياة لمن تنادي، لا من حكومة ولا من مؤتمر؟!
الحقيقة الثانية: الى الآن المؤتمر لم يتخذ قراره بعد ولمن سيسلم السلطة، ويستغل قصص الانقلاب كفزاعة وهمية ليستمر في المماطلة، ولم يقرر ليومنا هذا  ما اذا كانت ستكون هناك انتخابات برلمانية ورئاسية، او فقط رئاسية ؟! لا شكل لهذه الانتخابات، ولا حتي آلية محددة!!
لنعود بالذاكرة الى يوم تسليم سلطات المجلس الانتقالي للمؤتمر الوطني والاحتفال الذي اقيم بهذه المناسبة، في ذاك المشهد من سلم سلطات المجلس الانتقالي لرئيس المؤتمر الوطني حينها - المقريف - كان رئيس المحكمة العليا هو من سلم السلطة ونقلها للمؤتمر الوطني وأشرف على التعهد، الشعب مدرك جيدا إننا في ليبيا لا نملك محكمة دستورية، ولكن من الممكن ان تنوب هذه المحكمة العليا مكان المؤتمر الوطني وتستلم منه السلطة بشكل مؤقت الى حين توفر قليل من الامن والاستقرار السياسي، بعيدا عن مساخر وصراعات الكتل السياسية،على الاقل في النهاية المحكمة العليا تتكون من رجال قانون، وليس 200 عضو الله وحده ليومنا هذا يعلم خلفياتهم ومؤهلاتهم العلمية والثقافية الحقيقية.
ورغم هذا، الموضوع مرفوض بشكل قاطع من قبل المؤتمر الوطني،  بحجة إنه في ظل الحالة الامنية الراهنة لا يوجد من سيحمي المحكمة العليا اذا ما استلمت السلطات من المؤتمر، على عكس حال المؤتمر الذي فيه كل كتلة تملك ميلشيا مشرعنة، والرئاسة بحذ ذاتها  تملك غرفة ثوار ليبيا، والتي كانت سابقا تنسيقية العزل السياسي، ((صحيح ليس هناك جيش يحمي المحكمة العليا وبقية مؤسسات الدولة والوطن، فذاك الجيش مرهون لخدمة مصالح الكتل والمؤتمر الوطني لا غير)).
الحقيقة الثالثة: في ظل الاحتقان السياسي لازالت رئاسة المؤتمر الوطني تراهن على شرعيتها، وبكل دهاء أحمق لزيادة التوتر والاحتقان، تلعب لعبة التكتم على المعلومة بل مصادرتها أيضاً، فلم يعد يخرج علينا من المؤتمر الوطني مخاطبا للشعب الا المتحدث الرسمي السيد - عمر حميدان - الدبلوماسي الممل لحد الضجر الشديد، وفي الختام  يخرج الشعب من خطبه غير مستوعب لشيء !! بل أصبح المؤتمر الوطني لا يسمح للأعلام بتغطية الجلسات الا لوسيلتين إعلاميتين فقط لا غير، قناة الرئاسة ((قناة النبأ )) و(قناة الجزيرة) بينما تمنع بقية القنوات والوكالات والصحف، بل صودر حقها في التغطية الاعلامية بحجة التوقيت الامني غير مناسب حاليا!!
الحقيقة الرابعة: الكتل في المؤتمر الوطني تتصارع بكل صفاقة على مصير الوطن، وكل كتلة تملك كتيبة تدعمها، الا الشعب الليبي المسكين الذي لا يملك حتي جيش ولا شرطة تحميه!!
في ظل كل هذا الاحتقان السياسي الذي مع مرور الوقت سيتحول الى صراع قبلي واحتقان طائفي بشع رغم اننا لسنا بدولة ذات تعدد طائفي ديني، لكن الطائفية التي اقصدها هنا طائفية من نوع أخر بين دين واحد، والمشكلة إننا ابدا لن نبني دولة مدنية حلم بها الشهداء ونحن، بل في حال استمرار هذا المشهد السياسي الكئيب ستستلم القبائل دفة الحكم والسلطة وسنعود للخانة الاولي، ليبيا قبلية بدون هوادة.
يكفيكم حقائق بشعة لهذا الاسبوع، حاولت أن ارصد الوقائع كما يتناولها اغلب الشعب في يومياته، حاولت ان احلل مدي بشاعة ازمتنا الامنية في ظل حكومة الظل، ولكي أكون واقعية فمهما حاولت فلن اتمكن من رصد كل قبيح، فالبشاعة صارت عنوان حياتنا اليومية.
عشتار محمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق