الخميس، 20 يونيو 2013

تزويج المراهقات جريمة على أيقاع الفرح !

تزايد تزويج المراهقات هل هو مجرد أقاويل من محض خيال أم حقيقة غطت وستِرت جيدا في المجتمع الليبي ؟ هل القانون الليبي يحدد ويقنن مسألة الزواج ، الإعلام يومياً يروج لفكرة ازدياد العنوسة !  في الوقت ذاته نسمع قصص من واقع الحياة مؤلمة جداً حول تزويج المراهقات وعدم نجاح واستقرار حياتهن الزوجية، لذلك للرد على هذه التساؤلات والبحث في الأسباب توجهنا لبعض أماكن تواجد المراهقات بالأخص في المدارس الثانوية والجامعة ، وأجرينا معهن المقابلات التالية.

المراهقة لا تعي مسئولية الحياة
رويدا احمد ((21 سنة )) قدمت رأيها في هذه المسالة فقالت :
الإقدام على الزواج في سن مبكرة خطوة مستعجلة للغاية على الفتاة ، مهما كانت طبيعتها ، أياً كان نضوجها فهي لا تعي ما مدى مسؤولية الحياة الزوجية وما تتضمنه من صعابٍ في مثل هذه السن ، أنا شخصياً هذه المسألة أتركها لمدى نضوجي الفكري ، أعرف العديد من الفتيات اللواتي درسن معي في الثانوي وتزوجن وهن مراهقات ، صديقتي تزوجت في سن الرابعة عشر وتركت الدراسة ، ورغم أن لديها طفلين حالياً إلا أنها تكره هذه الزيجة وغير مستقرة فيها لا عاطفياً ولا نفسياً ، خاصة أنه ليس هناك أيَ تكافؤٍ  في العمر بينها وبين زوجها.

الأهل هم الأعلم بمصلحة الفتاة
 وقالت مروة محمد الثابت (( 17 سنة ))  رغم أنني لست ضد فكرة الزواج في سنٍ مبكرةٍ لكني لا أشجعه ، لأن الفتاة في عمرنا ليس لديها القدرة على الاستقرار واحتمال مسؤولية الزواج ، ورغم هذا أعتقد أن الأهل أعلم بمدى قدرة بناتهم على الاستقرار وتأسيس عائلةٍ أكثر من غيرهم .

زواج المراهقات يبعدهن عن المدرسة
أما ياسمين يعقوب (( 15 سنة )) تعارض رأي صديقتها فقالت "الكثير من أهالي زميلاتي في المدرسة ، يخافون من تقدم ابنتهم في الدراسة والانخراط في الحياة الجامعية ، نتيجة حمايتهم المفرطة وخوفهم من عدم قدرتهم على السيطرة على المحيط الجامعي ومراقبة ابنتهم ، ولذلك العديد من أمهات زميلاتي يشجعهن على تقبل فكرة الزواج المبكر بدون حتى اكتساب الفتاة لأي مؤهل علمي ينفعها في حياتها"، مضيفة "في بداية العام تعرفت على العديد من الفتيات في المدرسة ولكن الكثير منهن لم يكملن الفصل الدراسي معنا نتيجة خطبتهن أو زواجهن ، هذا الوضع مؤسف للغاية في حق أي فتاة مراهقة ، فاكتساب العلم والدراسة والانخراط في الحياة العملية والسعي للنجاح وتحقيق الذات أهم بكثير من الزواج فقط لأجل خدمة الرجل والإنجاب ، أعتقد أنَ في كل فصلِ دراسي داخل مدرستي تخرج منه فتاة لا تتجاوز سنها ال17 سنة  نتيجةً لارتباطها والزواج وهذا يلام عليه الأهل بالدرجة الأولى !!"

التقاليد حولت الزواج إلى موضة
أيضاً وجدان محمد (( 19 سنة )) قدمت رأيها في قضية زواج المراهقات فقالت :
"لاحظت أن الزواج في سنٍ مبكرةٍ أصبح موضة بين العائلات بسبب التقاليد والتفكير التقليدي في المجتمع الذي يؤمن أنَ في الزواج سترةً للفتاة ، وأنَ كلَ فتاة لابد أن تكون أولويتها وهدفها الوحيد في الحياة هو التزوج برجل مقتدر ، مما يترك الأثر السيِئ في أخلاق الفتاة المراهقة فتصير تبحث عن زوج مما يورطها في علاقات مؤذية وأحياناً علاقات غير أخلاقية ونحن في محيطنا الجامعي بشكل خاص نلاحظ هذا بين طالبات السنة الأولى بالأخص.

تزوجت في 18 عشرة وتطلقت بعد ست اشهر من زواجها .

التقينا هناء مصطفى ((  21 سنة )) وهي فتاة تزوجت في الثامنة عشر وظلت متزوجة لأقل من ستة أشهر ، وعانت الكثير حتى تمكنت في النهاية من الحصول على الطلاق ، أخبرتنا رأيها الناتج عن تجربتها الشخصية فقالت :
"الزواج المبكر تحطيم وتقيد لحرية الفتاة ، فالمراهقة حين تتزوج تلتزم بنمط حياةٍ جديدٍ فيه تقييد لحريِتها وانتهاك لحقوقها الشرعية التي كانت تمتلكها في منزل أهلها ، الزواج في سن مبكرة فيه مخاطر كثيرة ومنها عدم إحساس الزوج بزوجته المراهقة ومتطلباتها ـ ويتعامل معها على أنها أكبر من عمرها الحقيقي ويتناسى مشاعرها واحتياجها لاستكمال دراستها ، والأكثر سوءاً تورط المراهقة في الإنجاب ، فهذا يتركها عرضة أكثر لمواجهة مرض الاكتئاب ، أتمنى بصدق لو يكون القانون الليبي أكثر صرامةً حول زواج المراهقات ، خاصةً في تحديد سن الزواج ، إذ أن تزويج الأهل لفتياتهم المراهقات أصبح منتشراً ولم يعد حكراً على المدن الريفية بل أيضا المدن الساحلية الكبيرة ، فالزواج مسؤولية تفوق قدرة النَاضجين وكبار السنِ على احتماله فهل نتوقع من المراهقات أن تكون لهن قدرة احتمال اكبر" ؟!

ماذا يقول القانون في سن الزواج ؟؟
 ولمعرفة سن الزواج قمنا بالبحث في التشريعات الليبية التي أدرجت  في قانون الأحوال الشخصية المنظم للزواج والطلاق في ليبيا ، ووجدنا أنه حسب قرار قانون رقم 10 سنة 1983 المادة 6 من الفصل الثاني في الأحكام العامة من الزواج :
أ‌) يشترط في أهلية الزواج العقل والبلوغ .
ب‌) تكمل أهلية الزواج ببلوغ سن العشرين .
ج) للمحكمة أن تأذن بالزواج قبل بلوغ هذه السن لمصلحة أو ضرورة تقدرها بعد موافقة الولي .
د) يكتسب من تزوج وفق الفقرتين السابقتين أهلية التقاضي في كل ما له علاقة بالزواج وآثاره .

إذاً فالقانون كان صريحاً جداً في تحديد سن الزواج وتحديد الأهلية على أنها تقتصر ببلوغ العشرين سنة للجنسين ، إذاً ما الذي يحصل ؟؟ وكيف يتم تزويج فتياتٍ في سن المراهقة ، أي تحت العشرين ؟!

أب يزوج بناته قبل بلوغهن 15 سنة
المحامية والكاتبة البو عيسي استفزتها ظاهرة ازدياد تزويج المراهقات من بعد حرب التحرير ، وكتبت عن بعض الحوادث من خلال العديد من مقالاتها في الصحف الليبية ، وهنا أقتبس منها هذا الجزء من مقالة للنساء فقط ( نشرت في 10/2/2013 في صحيفة ليبيا المستقبل على الشبكة العنكبوتية :


(( تضمّن القانون رقم 10 بالمادة 6 ، ما يفيد تحديد سن الزواج بإتمام العشرين ، على أنه يحق للمحكمة وحدها ، أن تسمح بتزويج من هو دون هذه السن .
وما حدث ، أنه قد جرى خرق لهذه المادة ، بقرار "ذكوري" إنفرادي ، من ولي ثلاث طفلات ، بمدينة الزاوية وحدها ، حيث جرى تزويج طفلة من مواليد 2000 ، والطفلتين الأخريين مواليد آخر التسعينيات ، وليست الزاوية وحدها من شهد هذه الفعلة الشنيعة في حق الطفولة ، بل مدناً أخرى ، وبأرقامٍ يبدو أنها قد أثارت انتباه وحفيظة سيدات ، من حركة النساء قادمات ، حتى أنني تكلمت شخصياً مع إحدى ناشطاتها ، وزودتني بهذه المعلومات من داخل مدينة الزاوية .
وخلال عملي الطويل بالمحاماة ، لم أقع مطلقاً على حكم قضائي يخوّل الولي تزويج طفلةٍ بالكاد بلغت الثالثة عشرة ، كما أنني تعاملت مع عددٍ كبيرٍ من المأذونين الشرعيين ، فما وجدت ـ حسب شهادتي فيمن عرفتهم ـ أحداً عقد على طفلةٍ أصلاً ، ولا على من هي دون العشرين ، بدون أن يستند على قرارٍ من القاضي ، لأن انتفاء تحقق هذا الشرط سيترتب عليه أثر خطير جداً بالمستقبل وهو فقدان الزوج والزوجة ، أهلية التقاضي عن أيِ خلاف يثور بينهما لاحقاً .
وما حدث بالحالات المذكورة بالزاوية وغيرها ، أنه جرى اتباع مسلك معين ، استهدف تجاهل القانون ، من قِبل أولياء تلك الطفلات ، بالعقد عليهن مباشرة لدى المأذون ، أو حتى باستحصال إذن الزواج ، بالمخالفة لما استقر عليه العمل ، منذ أكثر من 29 سنة مضت ، وهو أمر يمكنني تسميته بـ "تقنين الشذوذ الجنسي بالأطفال"، تقنيناً قانونيا ودينياً واجتماعياً ، فمضاجعة طفلة في الثالثة عشر ، يسمى علمياً بالبيدوفيليا، وهي نمط من أنماط الانحرافات الجنسية ، التي تحيد بالرجل عن التصرفات السوية في إشباع لذته )).

إذاً حسب الاستطلاع السابق مع فتيات من مختلف الفئات العمرية ، وما كتبته المحامية وفاء البو عيسى يبدو أن هناك جريمة جنسية  مسكوت عنها ترتكب في حق الفتيات الليبيات تحت أيِ دافعٍ  أو حسب أيِة براهين يقدم أولياء الأمور بتزويج صغيراتهم ، كل هذا للأسف غير مفهوم ، التحقيق لم يكتمل ولم يصل لتحليل الأسباب بكلِ بساطةٍ لأن تزويج المراهقات هو جريمة مسكوت عنها ولا يبلغ عليها وهناك من يزوِر في وثائق ابنته لكي يتمكن من تزويجها باعتباره ولي أمرها !

وزارة الشؤون الاجتماعية تفتقر لوجود إحصائيات حول أيِ ظاهرةٍ اجتماعيةٍ وليس مسألة الزواج المبكّر فقط ، مقابلة محكمة الأحوال الشخصية في طرابلس يحتاج إلى إجراءات مطوَلة وطلب الإذن للتصوير أو حتى مجرد إجراء مقابلات مع قضاة أو محامين ، ومع ذلك تقدَمت  بطلبٍ من خلال وزارة العدل ولازلت في انتظار الرد منهم لحد هذه الساعة !!
أود الإشارة أن الشخصيات المذكورة فضَلن عدم التقاط صور لهن.


هناك تعليق واحد:

  1. دائماً إذا تحدثنا في هذا الموضوع نُتهم بأننا نخالف الشرع و الدين .. رغم أن الواقع يروي قصصاً كثيرة مأساوية للأسف " ما أنزل الله بها من سلطان " نتيجة زواج القصّر و المراهقين دون وعي منهم أو تنشئة صحيحة من الأهل و إعداد سليم بكل ما هو متعلق بالحياة الزوجية .. و الضحية هنا ليست الفتاة المراهقة فقط بل من سيتربون على يد تلك الأم المراهقة التي لا تملك الخبرة الكافية للتعامل مع أطفالها و تربيتهم بالشكل السليم .. و عادة ما تصبح " الجدة " هي الأم البديلة للأطفال و هذا واقع يحدث في معظم البيوت الليبية للأسف .. أنا أرى بأن أفضل سن مناسبة لزواج الفتاة هي 25 عاماً فما فوق .. ففي هذه السن تكون الفتاة أكثر نضجاً و ثقافة و أكثر استعداداً نفسياً لأن تصبح أماً و زوجة يُعتمد عليها في بناء أسرة صالحة على أساس متين

    ردحذف